التهجيرُ والفقر أوبئةٌ تنخر جسد السوريين

رغم أن وباء كورونا “كوفيد-19” هو الوباء الأكثر فتكا وتهديداً لحياة المدنيين في شمال غرب سوريا إلا أن المعاناة لم تقتصر على ذلك الجانب فحسب فمعاناة المدنيين هناك باتت تحاصرهم من جميع الجوانب بدءاً من فيروس كورونا ووصولاً إلى معاناتهم مع الفقر و البطالة والتشرد وضعف الخدمات.

بين التهجير والفقر… ما هي أوضاع العائلات المهجرة في الشمال السوري..؟

لربما لم تعد تخفى على أحد تلك الأوضاع المأساوية والحالة المزرية التي وصلت إليها الغالبية العظمى من سكان شمال غرب سوريا ممن تركت الحرب آثارها عليهم فشردت مئات الآلاف من منازلهم وتركتهم يقاسون المصاعب في حياتهم، ويجابهون الأزمةَ تلوَ الأخرى.

وكانت بدايةً المعاناة بعد الهجرة التي سببتها الحرب هي تأمين المسكن حيث اختار غالبية النازحين اللجوء إلى المخيمات رغم مرارة ذلك القرار نظراً لصعوبة العيش هناك، في حين اختار آخرون العيش في منازل داخل مدن وبلدات الشمال السوري، لكن تلك المنازل شكلت عائقاً جديداً أمامهم نظراً لارتفاع أجور المنازل والتي تقدر وسطياً ب 50 دولار أمريكي للمنزل المتوسط.

وفي منطقة صغيرة نسبياً يعيش فيها ما يقارب أربعة ملايين نسمة من بينهم أكثر من 2.1 مليون نازح معظمهم يعيش في المخيمات استشرت فيها البطالة و الفقر مهددةً حياة مئات العوائل هناك، في حين بات الأمن الغذائي في تلك المنطقة يشكل خطراً نتيجة ارتفاع الأسعار ونقص فرص العمل، وباتت معظم العوائل تقبع تحت خط الفقر.

ولطالما حذرت المنظمات الإنسانية والدولية من أن انعدام الأمن الغذائي بلغ ذروته في سوريا حيث قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في شباط/فبراير 2021 أن 12.4 مليون سوري يعانون من أجل الحصول على الطعام مما يعني أن 60% من السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

اقرأ أيضاً.. الأمن الغذائي في المخيمات شمال سوريا

البطالة تستشري شمال سوريا

بات حلماً أن يحصل الشابُ أو رب الأسرة في شمال غرب سوريا على عمل يكفيه لقوت عياله ومستلزمات منزله، فالأسعار التي تواصل الارتفاع و الكثافة السكانية العالية والتي خلقت شحاً في فرص العمل بالإضافة لخسارة معظم المهجرين مصادر رزقهم كالأراضي الزراعية بعد احتلال قوات النظام وروسيا لها زادوا من حدة معاناة أولئك المهجرين.

ووفق دراسة صدرت عن وحدة تنسيق الدعم في نيسان/أبريل 2021 بلغت نسبة الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 20-45 سنة و الذين يعملون و لديهم فرص عمل في شمال سوريا 59%من إجمالي الذكور، في حين بلغت نسبة الإناث العاملات 32% لذات الأعمار.

وأضافت الدراسة أن مصادر دخل المدنيين في الشمال السوري متفاوتة حيث يعتمد 9 % من العاملين على العمل في قطاع التعليم، بينما يعتمد 8% منهم على المهن و الزراعات الموسمية، ويعتمد 6% منهم على الأعمال الحرة والتجارة الصغيرة وتربية المواشي والعمل في المنظمات الإنسانية و الطبية وغيرها.

يذكر أن المنطقة تحتاج لحلول فورية للقضاء على تلك النسب العالية من البطالة و عدم توافر فرص العمل ومن تلك الحلول والتي ربما سيكون لها أثر كبير في المنطقة دعم المشاريع الصغيرة والتي قد تساهم في تأمين فرص عمل للعديد من المدنيين، بالإضافة للتوجه للتعليم المهني ودعم المشاريع المتخصصة في هذا المجال.

وباء كورونا يفاقم المعاناة

لم يكن وباء “كوفيد-19” والذي انتشر بشكل مخيف مؤخراً في شمال غرب سوريا آخر الأوبئة ولا أولها، لكنه اتخذ منحناً خطيراً ليحصد أرواح العشرات، ويهدد حياةَ مئات الآلاف، عدا عن تسببه بشلل في القطاع الطبي ومعاناة المدنيين بعد ذلك الشلل حيث كان يعتمد جلهم على المستشفيات والمراكز الطبية عند حالات المرض.

وأظهرت آخر إحصائيات شبكة الإنذار المبكر أن أعداد وفيات مرضى “كوفيد-19” بلغوا حتى يوم الثلاثاء 26 تشرين الثاني/اكتوبر 1757 وفاة، وأن أعداد المصابين الإجمالية ارتفعت إلى 86 ألف و 944 إصابة، ولم تسجل مؤخراً أعداد كبيرة من الإصابات نظراً لقلة المواد المستخدمة في فحص المصابين، عدا عن شح في المواد الطبية واسطوانات الأوكسجين وانشغال كامل لأسرة العناية في المستشفيات.

وفي منطقة جل سكانها من المهجرين القاطنين في مخيمات ذات كثافة سكانية عالية و خيام ملتصقة تفتقر لأدنى مقومات الحياة ووسائل النظافة كمشاريع المياه والصرف الصحي كان وباء كورونا يتغلغل بسرعة هناك وكانت إجراءات الوقاية مستحيلة التطبيق مما تسبب في ازدياد كبير في أعداد المصابين بالفيروس.

ومع إغلاق معظم المستشفيات المدعومة من قبل المنظمات أصبح على الأهالي التوجه للمستشفيات والعيادات الخاصة عند حالات المرض، ما سبب عائقاً اقتصادياً جديداً لديهم وتكاليف أخرى هم كانوا بغنى عنها، عدا عن معاناة كبيرة يعانيها أصحاب الأمراض الحرجة والخطرة والتي لا يتوفر علاج لها في المنطقة نظراً لصعوبة نقلهم إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج.

 

(1) وحدة التنسيق والدعم 

لمزيد من المعلومات أو لطلبات المقابلات الصحفية، يرجى التواصل مع: [email protected]