عندما يكون الراوي هو الشاهد على الحكاية
مرحبًا، اسمي حنان.. وكما وصفتني إحدى صديقاتي بأنني أنثى تتخذ من الكتابة بديلًا جيدًا عن الحزن، أنا أيضاً مستقبل طبيبة.. أشعرُ أن الطّب يشبهني أكثر أو أقل ولأن موت صديقتي إيمان نتيجة السرطان الذي نهش دمها كان مؤلماً بما يكفي كي يكون دافعًا أساسيًا لي في المحاولة وبداية طريق هذه الرحلة الطويلة.. فألبس كل صباح صدرية بيضاء بلون حزني، طالما آمنت أن للحزن لون أبيض كلون أكفان شهدائنا.. أضع سماعتي الطبية وأمضي بها لنحاول سويةً التخفيف من آلام إنسانٍ يحتاجنا. بالمناسبة اقترب عمري من الاثني وعشرون عامًا وصار بحوزة قلبي أحداثاً كثيرة لأرويها في كل مرة أشعرُ بها أنني الراوي في الحكاية.
أكتب هذا النصّ اليوم كمُقدمة عن التطوع لكنني لا أدري حقًا كيف بدأ الأمر وصار التطوع شيئاً أساسياً في حياتي، في ٢٠٢٠ كانت أولى المرات التي أعرّف فيها عن نفسي كمطتوعة، وحتى هذا اليوم، أذكر المرات التي عدت فيها من جامعتي أبكي بغزارةٍ.. كمطر الشتاء فوق سيارات المهجرين من ريف إدلب بسبب القصف، لقد بكيت كثيرًا.. أكثر من عدد القذائف والشهداء، وأكثر من المياه التي طافت بها المخيمات.. كانت قوافل النازحين طويلةً في ليل الشتاء، طويلة كحزني عليهم، حزني على من خسروا بيوتهم وأملاكهم وذكرياتهم لأن قوات النظام سرقت منهم كلَّ شيء حتّى أحلامهم.. وهل هناك أقسى من سرقة الأحلام! الماضي والحاضر! والمستقبل أيضًا. لقد سرقوا بالمحصلة وطناً كاملاً وحريةً لسنينٍ طويلة.. كلُّ هذا من أجل شخصٍ لا يمكنني أنْ أعتبره رجلاً أو قائداً! ولأنَّ الثورةَ لم تعلمني التباكي.. لم أقف عاجزة وبدأتُ العملَ بالفرق التطوعية في سبيل الاستجابة للمهجرين، بقليل ما أملك وبكل مالا أملك.
أنا آسفةٌ إن بدى هذا نصاً حزينًا، لأنه ليس كذلك، لكن أجمل حكايا المرء أحزنها! التطوعُ كان فرصةً جميلةً لي كي أهرب من جلد الذات وأكون كما أحلم وأريد، كان نجاة في ظل الحروب الكثيرة، طورت من خلاله مهاراتي؛ الكتابة والتواصل وتحمل الضغوط والوقوف بجانب المتضرر لا البكاء معه وعليه، إنّه نقطة تحول فاصلة عرفت من خلالها أنّ الناس للناس، وبقدر ما يكون المرء إنسانًا يقف في عون أخيه، من أجل التطوع اتسع قلبي ليسمع كل أحزان الكون ويبتهج بكل أفراح الكون أيضًا أصبحت أغرس الفسيلة كل وقت كأنه وقتًا أخيرًا.
شارك المقال
اقرأ أيضاً
“أحلى أعزاز” مبادرة لتعزيز البيئة والمشاركة المجتمعية
تأسس فريق ياسمينة إدلب في 29 تشرين الثاني من عام 2020 في مدينة إدلب، بهدف استهداف الشباب بشكل خاص وبناء جيل مثقّف وواعي قادر على النهوض بالمجتمع والتغلب على الصعاب.
بصمة خير: مبادرة لتخفيف العبء عن ذوي الاحتياجات الخاصة في شمال سوريا
تأسس فريق ياسمينة إدلب في 29 تشرين الثاني من عام 2020 في مدينة إدلب، بهدف استهداف الشباب بشكل خاص وبناء جيل مثقّف وواعي قادر على النهوض بالمجتمع والتغلب على الصعاب.
مشروع غيرّ 2024
تفتح منظمة بنفسج أبوابها أمام قادة الفرق والمنظمات الناشئة من الشباب والنساء في مناطق شمال غرب سوريا! يسرنا الإعلان عن إطلاق “مشروع غيرّ” وذلك ضمن حاضنة الإبتكار الشبابية التي ترعاها بنفسج، وهو مشروع رائد يهدف إلى دعم وتمكين المنظمات والفرق والجمعيات...مقالات أخرى مشابهة
No Content in this page
It looks like nothing was found. We suggest you use the navigation above to find what you are looking for.