الأطفال الأيتام في سوريا.. مرارة الفقد والمعاناة

الأيتام في سوريا…حملوا هموماً كالجبال، ومتاعباً يعجز الكبار عن حملها، ولم يعد لحياتهم طعماً أو لون بعد فقدانهم السند والمعيل، فأصبحوا هم السند والمعيل بعد تحملهم مسؤولية إعالة عوائلهم، فيما لا يزالوا هم بعمر الطفولة.

تركت الحرب الدائرة في سوريا مئات الآلاف من الأطفال الأيتام بعد مقتل ذويهم أو أحد الأبوين، فتلك الحرب قتلت وبحسب إحصائية للشبكة السورية لحقوق الإنسان 227 ألف و 413 مدنياً في الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2011 و 2021

الأطفال الأيتام في سوريا ومعاناة التهجير..

وجدوا أنفسهم مشردين في الشوارع وبين الخيام، بينما يفترض أن يكونوا في أحضان أبائهم وتحت سقف منزلهم، ولا يوجد إحصائية دقيقة لأعداد الأيتام في سوريا والتي قدرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسف” عام 2018 بقرابة المليون طفل، وقالت أن 90% منهم غير مكفولين.

وتضيف المنظمة أن 10% من أطفال سوريا أيتام أحد الوالدين أو كلاهما بسبب الحرب، واليوم ومع دخول الحرب في سوريا عامها العاشر ازدادت تلك الأرقام وتضاعفت، وباتت معاناة أولئك الأطفال كبيرة جداً مع موجات النزوح والأزمات الاقتصادية و الصحية التي تعصف في المنطقة.

ويعيش في مخيمات النازحين شمال غرب سوريا ما يقارب 680 ألف طفل نسبة كبيرة منهم من الأيتام والذين يجدون صعوبةً في التأقلم مع العيش ويعانون من أزمات نفسية و صحية واقتصادية كبيرة إذ أن معظمهم يجدون صعوبات في تأمين المستلزمات الحياتية ومغيبين عن مقاعد الدراسة.

الأطفال الأيتام و الأزمات النفسية

تركت الحرب الدائرة في سوريا أثراً كبيراً على صحة الأطفال النفسية، وتقدر منظمة “أنقذوا الطفولة” أن الجيل القادم في سوريا سيكبر ويعاني من صدمات نفسية وعصبية، وأنهم يعانون من جراح نفسية يصعب دملها، ومن ضغط عصبي وأصبح الكثير منهم أكثر عدوانية.

ومن الطبيعي أن يترك اليتم آثاراً سلبية على الطفل بداية حياته، فتجربة فقد أحد الوالدين أو كلاهما من أقسى التجارب على الطفل، وتجعله يشعر بالضعف والوحدة وفقدان الأمان، وكلما كان الطفل صغيراً زادت وطأة الحدث عليه، وخاصةً في فقدان الأم والتي تلازم الطفل في فترة طفولته وتعمل على رعايته.

و للطفل اليتيم احتياجات تزيد عن احتياجات الطفل العادي، ويحتاج لتوفرها وإشباعها مثل الحاجات الغذائية والصحية والنفسية والتربوية والاجتماعية، وتقع مسؤولية إشباع تلك الحاجات ورعاية الطفل اليتيم أولاً على عاتق الأسرة الراعية له، إذ تحتاج تلك الأسرة ل إمكانيات مادية و توعوية بحاجات الطفل اليتيم ومعرفة الأزمات النفسية التي يمر بها وطريقة التعامل معها.

وفي الدرجة الثانية تقع مسؤولية علاج ورعاية الطفل اليتيم على المجتمع المحيط و الدولة إذ أن المجتمع الذي يعيش فيه الطفل اليتيم يساعد في تخفيف الأزمات عنه، وتقع على عاتق الدولة والجهات المسيطرة إحداث مؤسسات متخصصة برعاية و تأهيل العائلات التي ترعى الطفل اليتيم، وتأهيل المشرفين العاملين في مجال رعاية الطفل اليتيم.

اقرأ أيضاً.. الأطفال الأيتام في سوريا.. مرارة الفقد والمعاناة

اليتم يدفع الأطفال السوريين للعمل

بات مشهد عمالة الأطفال السوريين في شمال غرب سوريا واضحاً بشكل كبير، إذ أن معظم المعامل و الورش الصناعية باتت تشغل الأطفال بنسب كبيرة، فالحرب الدائرة طوال عشر سنوات و الضائقة الاقتصادية و غياب المعيل دفعت الأطفال للعمل.

ويضطر الكثير من الأطفال لممارسة مهن شاقة تشكل خطراً جسيماً على حياته لتأمين لقمة العيش، وذلك بعدما أصبح الطفل المعيل الوحيد لعائلته بعد فقدان الأب أو الأبوين، في حين أن من أسباب عمالة الأطفال في سوريا التسرب المدرسي وغياب آلاف الأطفال عن مقاعد الدراسة.

وقالت منظمة اليونيسف في تقرير لها بين عامي 2019 و 2020 أن حوالي 2.5 مليون سوري متسربون من المدارس في الداخل السوري، و 750 ألف طفل في دول اللجوء، بالإضافة إلى تلك الأرقام حرمت جائحة كورونا آلاف الأطفال من مقاعدهم الدراسية، وبات الأهالي مع الأزمات الاقتصادية يدفعون الأطفال للعمل وتعلم المهن بدلاً عن التعليم.

ضعف في كفالة والرعاية أيتام الشمال السوري

يعاني ملف الأيتام في شمال غرب سوريا مع تلك الأعداد الكبيرة من نقص في الدعم والتنظيم، إذ أن المشاريع المقدمة من قبل المنظمات الإنسانية غير قادرة على تغطية احتياجات كل أولئك الأطفال الأيتام، في حين أن كثير منهم لم يحصل على مشاريع الكفالة الشهرية.

ويعيش معظم أولئك الأطفال في مخيمات مخصصة لليتامى و الأرامل، بينما تحتوي دور الأيتام المتوفرة على أعداد قليلة نسبياً منهم، ويحتاج الأطفال الأيتام في مخيمات النازحين إلى رعاية طبية وغذائية وصحة نفسية بالإضافة للدعم المادي.

 

لمزيد من المعلومات أو لطلبات المقابلات الصحفية، يرجى التواصل مع: [email protected]