اليوم العالمي للعمل الإنساني
دقائق قليلة من الحقد كفيلة بإنهاء حياة من سخروا حياتهم لخدمة المحتاجين في أكثر بقاع الأرض خطراً تاركين ورائهم ندوباً في حياة عائلاتهم وثغرات في مكان عملهم، لكنهم ينيرون درب الإنسانية لنكمل الخطى على مسيرتهم.
اليوم العالمي للعمل الإنساني:
في التاسع عشر من أب/أغسطس 2003 أعلنت الأمم المتحدة عن وقوع هجوم بالقنابل في العراق استهدف الفندق الذي يقيم به عمال الإغاثة الإنسانية ما أسفر عن مقتل 22 عاملاً إنسانياً بمن فيهم سيرجيو فييرا دي ميلو الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق آنذاك، وتكريماً لتلك الجهود أقرت الجمعية العامة بعد خمس سنوات بأن يكون 19 من آب لكل عام هو يوماً عالمياً للعمل الإنساني.
تحت شعار “يدٌ واحدة لا تصفق” تنطلق احتفاليات اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام، ولذلك لتعزيز التحالف العالمي للعمل الإنساني والتأكيد على ضرورة تكاتف الجهود العالمية لمواجهة الارتفاع القياسي للاحتياجات الإنسانية حول العالم.
ويهدف اليوم العالمي للعمل الإنساني على ضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني وحفظ أمنهم، والإشادة بأعمالهم رغم كل المخاطر التي يمرون بها.
العمّال الإنسانيين حول العالم.. تحت الخطر المستمر:
لم تقتصر الهجمات وعمليات الاستهداف على المدنيين فقط أو أطراف النزاع بل تعدت إلى العاملين في المجال الإنساني ووضع حياتهم على محك الخطر غير آبهين بنُبل المهمة التي تقع على عاتقهم.
وحول استهداف العمال الإنسانيين حول العالم تشير إحصائية أجراها موقع “أمن عمال الإغاثة” إلى أن 461 من العمال الإنسانيين كانوا عرضة ل 268 هجمة هي الأكثر فتكاً والأشد خطراً مقارنة بالعامين السابقين، وأسفرت تلك الهجمات عن اختطاف 117 من العاملين الإنسانيين وجرح 203 آخرون ومقتل 141 فرداً وهو العدد الأكبر منذ عام 2013.
وشكلت الوفيات نتيجة إطلاق النار المباشر السبب الأول بنسبة 69% تليها الوفيات جراء الغارات الجوية والقصف بنسبة 9%، بينما شكل الاستهداف عن طريق المتفجرات وعمليات الخطف نسبة 6% وحوادث الاعتداء 2% ووجود عوامل أخرى غير معروفة بنسبة 9%.
وفي سياق ذلك كانت السودان هي موطن أكبر عمليات استهداف العمال الإنسانيين تليها أفغانستان وسوريا بحسب ما أفادت ذات الإحصائية السابقة.
العمل الإنساني في شمال سوريا.. هدف مباشر:
مع بداية الحراك في سوريا اتجه العديد من الشباب إلى العمل في المجال الإنساني لمساعدة النازحين والمهجرين والمتضررين من الحرب عبر قطاعات الإغاثة، الاستجابات الطارئة والصحة وغيرها، لكن آلة الحرب لم تحترم عطائهم ودورهم الإنساني فجعلت أرواحهم عرضة للموت، وأجسادهم عرضة لإصابات دائمة، وقلوب أهلهم على نار خوفاً أن يكونوا الضحية القادمة..
يشير موقع “أمن عمال الإغاثة” المختص بتسجيل حوادث العنف ضد العمال الإنسانيين إلى أن سوريا سجلت ثالث أكبر عدد من الهجمات حول العالم على العاملين في المجال الإنساني بين عامي 2011 و 2019، في حين بلغت ذروة الهجمات 47 هجمة في عام 2019 فقط استهدفت 254 عاملاً إنسانياً.
ويفيد ذات الموقع بأن عدد الهجمات في عام 2021 بلغت 22 هجمة، أسفرت عن استشهاد 22 عاملاً إنسانياً وإصابة 36 أخرون.
وهو ما يجعل سوريا من أخطر البقع حول العالم للعمل الإنساني ويعيق العاملين في المجال عن استمرار عملهم وتقديم المساعدات الإغاثية والطبية، أو يجبر آخرون على ترك هذا المجال للحفاظ على أرواحهم من خطر التعرض الدائم للموت مع عدم بذل أي جهود دولية من شأنها أن تذكر للحفاظ على أرواح العمال الإنسانيين في سوريا عموماً وشمالها خصوصاً.
من جهته أعرب المنسق الإقليمي لشؤون اللاجئين الإنسانية للأزمة السورية كيفن كينيدي عن قلقه إزاء موجة العنف الأخيرة التي شهدها شمال غرب سوريا على العمال الإنسانيين في عام 2020.
شهداء بنفسج.. شهداء الإنسانية:
في انتهاك صريح لكل الأعراف الدولية والقوانين الإنسانية التي تنص على تحييد العاملين في المجال الإنساني والفرق الإسعافية استهدفت قوات نظام الأسد وحلفائه الروس خلال السنوات السابقة العديد من عمالنا الإنسانيين ما أقضى استشهاد 7 منهم أثناء قيامهم بعملهم الإنساني.
سمير سويد.. شهيد بنفسج الأول:
سمير سويد الشخصية الاستثنائية، الشهيد الأول في بنفسج بعد أن تعرض للقصف أثناء قيامه بواجبه الإنساني في مدينة إدلب في 25 كانون الأول/ديسمبر 2015.
شغل سمير سويد منصب مدير برنامج المياه والإصحاح في منظمة بنفسج، ولأنه أحبّ مدينته أرادها أن تكون الأجمل رغم القصف والتدمير فعمل على ترميم الحدائق والمنازل والمرافق العامة وتنظيف الشوارع، وخلال مدة قصيرة أطلق 13 مشروعاً في ذات المجال، كما عمل على ترميم 40 مدرسة في شمال سوريا لاستكمال عملية التعليم.
صفوان دعبول، ملهم الكثيرين وثاني الشهداء:
منذ ست سنوات خسرت بنفسج الشاب الطموح صفوان دعبول، ففي مساء 31 أيار/مايو 2016 تعرضت مدينة إدلب لقصف شديد راح على إثره عشرات الضحايا من المدنيين والأطفال من بينهم صفوان.
كان يعمل صفوان مسؤولاً في برنامج الأمن الغذائي في منظمة بنفسج ومنسقاً للعديد من المشاريع والفعاليات، وكان مؤسس فكرة برنامج المتطوعين والطوارئ الذي ساهم في العديد من الاستجابات الطارئة وتقديم الخدمات المختلفة لآلاف النازحين والمقيمين حتى الآن.
بشار الجعفر.. ثالث الشهداء:
بشار الجعفر هو ثالث الشهداء الإنسانيين في منظمة بنفسج استشهد خلال عمله في 26 آذار/مارس 2018 بعد غارة جوية على مدينة بنش في إدلب.
بشار هو أب لأربعة أطفال وكان يعمل مشرفاً تعليمياً ضمن برنامج التعليم في بنفسج.
استهداف سيارة الإسعاف واستشهاد كوادرها:
في 20 أيلول/سبتمبر 2019 وأثناء قيامهم بعملهم الإنساني استهدف الطيران الحربي وبشكل مباشر سيارة إسعاف مدنية تابعة لمنظمة بنفسج في مدينة معرة النعمان أسفرت عن استشهاد 3 من مسعفينا وهم: سائر بهلول، محمود المصطفى وعبد القادر نهتان، وإصابة 3 آخرين إصابات بليغة، ووفاة المرأة التي كان يقلّها الفريق إلى المراكز الطبية.
صبحي العاصي.. آخر الشهداء:
عاد من عمله منهكاً إلى منزله ليرتاح قليلاً كان صاروخاً موجهاً إلى منزله كان الأسرع..
في صباح الثالث من تموز/يوليو 2021 استهدف صاروخاً منزل المتطوع صبحي العاصي حيث كانت تقيم عائلته هناك، فاستشهد الأب والأم وثلاثة من الأطفال في حين بقي طفلان دون أب يرعاهم أو أم تحنو عليهم.
عمل صبحي قبل استشهاده في أحد مراكز العزل للمصابين بوباء كوفد-19، حيث كرس حياته لخدمة الآخرين رغم خطر الوباء.
نؤكد دوماً على ضرورة بذل الجهات المسؤولة جهداً واضحاً للحفاظ على حياة العاملين في المجال الإنساني وعد استهدافهم أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني، ونحث على ضرورة محاسبة كل من استهدف العمال الإنسانيين أو جعلهم هدفاً.
لمزيد من المعلومات أو لطلبات المقابلات الصحفية، يرجى التواصل مع: [email protected]