مخيمات الشمال السوري في فصل الشتاء
حالٌ متكرر يداهم مخيمات الشمال السوري في فصل الشتاء دون سابق إنذار، فيقف النازحون عاجزون أمام صقيع برده وفيضانات أمطاره مع عجزٍ للمنظمات الإنسانية العاملة في شمال سوريا عن تأمين مواد التدفئة والكسوة الشتوية لما يقارب مليوني نازح.
عشر سنوات من المعاناة ذاتها..
ليس العام الأول من الألم والبرد لملايين السوريين في فصل الشتاء، إذ باتت هذه المعاناة متكررة الحدوث مع كل شتاء، هذا العام لم يكن أفضل حالاً في الوقت الذي يعاني فيه السوريون من آثار تداعيات وباء كوفيد-19 إلى الآن من جهة ومن ارتفاع الأسعار بالتزامن مع عجز السكان عن تأمين احتياجاتهم من جهة أخرى.
الطين الذي يغطي أراضي المخيم ومياه الأمطار التي تجعل الحركة بين الخيام أمراً يحتاج تجهيزات من الكسوة الشتوية التي لا يستطيع معظم سكان المخيمات تأمينها، عدا عن أن الخيام التي يسكنوها ليست كافية لرد مياه الأمطار والطين من أن يتسللا داخلها،
غير أن نسبة كبيرة من الخيام غير صالحة للسكن بسبب اهترائها من العوامل الجوية حيث بلغ عدد الخيام التي طالتها مياه الأمطار مؤخراً وسببت فيها أضرار ملموسة 2145 خيمة، في حين بلغ عدد العائلات المتضررة من الهطولات المطرية بشكل مباشر 1842 عائلة، بينما وصل عدد كامل العائلات المتضررة إلى 3742 عائلة، بينما اضطرت 470 عائلة إلى النزوح داخل المخيم بسبب الضرر الذي أصاب خيمهم بحسب تقرير نشرته منظمة منسقوا استجابة سوريا الشهر الحالي.
خيمة “السفينة” تغرق أهلها
في المخيمات السورية هناك أنواع عديدة للخيمة ذاتها، أكثرها استعمالاً وأشدها سوءاً هي خيمة “السفينة” ذات الأطراف المنخفضة والتي لا تملك عواميد تثبيت ولا يمكن عزل الأرضية فيها بطريقة محكمة، السفينة التي تأوي الكثير من العائلات القاطنة في مخيمات الشمال السوري والتي يعتمد توزيعها غالبية المنظمات العاملة هناك، لكنها لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء تحبس داخلها الهواء ولا تدوم عمراً طويلاً، وخلال سنوات اللجوء كانت من أكثر أنواع الخيام عرضة للحرائق على مدار العام غير أنها توصف بالغير مقاومة عند الهجمات الشتوية أثناء العواصف والأمطار والمنخفضات الجوية، ما دفعت الكثير من سكانها إلى العراء عند أول منخفض جوي قاسي.
وبحسب دراسة أجرتها وحدة التنسيق والدعم على 680 مخيماً في محافظتي إدلب وحلب أظهرت النتائج أن 30% من الخيم تحتاج إلى عوازل مطرية، بينما تحتاج 20% منها إلى عوازل أرضية.
اقرأ أيضاً.. مخيماتُ النازحين في فصل الشتاء
قماش وأكياس نايلون.. مواد التدفئة في الشمال السوري:
على قائمة أولويات الاحتياجات لسكان الشمال السوري جاءت الحاجة إلى توزيع وقود التدفئة للنازحين، بينما جاءت في المرتبة الثانية الحاجة إلى تأمين المدافئ بكافة أشكالها (المازوت والحطب والفحم والكاز) وفق ذات الدراسة التي أجرتها وحدة التنسيق والدعم، حيث أن 70% -من المخيمات التي أجريت الدراسة عليها- لم توزع فيها مدافئ للنازحين خلال الشتاء الماضي.
يشكل الحصول على الوقود في فصل الشتاء العائق الأساسي للعائلات السورية كافة، في الوقت الذي تعاني فيه الأسر من ضعف القدرة الشرائية من ناحية ومن شح الموارد الطبيعية من ناحية أخرى، فيما بات قطع الأشجار للحصول على الحطب يشكل خطراً على قطاع الزراعة في ريف إدلب.
تحت هذه الظروف تلجأ العائلات لاستخدام النايلون والقماش المهترئ لتوفير الدفء لأطفالهم رغم مخاطر المواد المستخدمة، في حين يبّلغ بشكل مستمر عن اندلاع الحرائق في الخيم ووقوع إصابات وضحايا، ففي عام 2019 فارق 3 أطفال الحياة بسبب الحرائق ضمن المخيمات، فيما فارقت الحياة عائلة مكونة من 4 أفراد (طفلين ووالديهما) اختناقاً بعد استخدامهم مواداً تالفة لتأمين الدفء.
تستمر مخاوف العائلات من عدم توفير مواد التدفئة من حصول وفيات نتيجة البرد القارس كما حصل في 2015 عندما ضربت العاصفة الثلجية “هدى” الشرق الأوسط والتي أدت إلى وفاة 15 نازحاً في المخيمات السورية متجمدين من البرد، بينما سجلت 3 وفيات لأطفال حديثي الولادة في مخيمات الشمال السوري عام 2016 بعد تجمدهم من البرد، وفي عامي 2017 و 2018 سجلت 3 حالات وفاة لكل سنة نتيجة البرد في المخيمات السورية.
بنفسج والاستجابات الطارئة للعواصف المطرية:
بعد العاصفة الأخيرة التي اجتاحت الشمال السوري مؤخراً قام فريق التدخل السريع في بنفسج بالاستجابة الطارئة وتوزيع العوازل والوسادات والبطانيات وأحذية الأطفال بالإضافة إلى شفط مياه الأمطار من المخيمات وإنشاء جسر النجاة ليتمكن الأهالي من العبور إلى الطرف الآخر نتيجة تجمع المياه.
بلغ عدد المستفيدين من الاستجابات الطارئة في مخيم الكنجو 202 فرداً بينهم 6 أشخاص من ذوي الإعاقة، في حين بلغ المستفيدين في مخيم المركز 580 بينهم 16 حالة خاصة، بينما استفادت 89 عائلة من تلك الاستجابات الطارئة، وفي مخيم ربيع معيصرونة وصل عدد المستفيدين إلى 624 شخصاً بينهم 69 حالة خاصة، كما استفاد 282 فرداً في مخيمات جبل الزاوية بينهم 3 حالات خاصة، وفي مخيم الرحمة في منطقة الشيخ بحر استفاد 502 فرداً منهم 64 حالة خاصة.
اقرأ أيضاً.. بين الشتات والشتاء.. كيف يستجيب متطوعو بنفسج
أطلقت منظمة بنفسج هذا العام حملة شتاء دافئ للعام السادس على التوالي بهدف توفير الملابس الشتوية (جاكيت-لبس-حذاء) ومواد التدفئة للمحتاجين، بالإضافة إلى توزيع الحقائب الشتوية الطارئة لتوفير مواد شتوية غير غذائية (بطانيات – فرش) عند حدوث أي طارئ لا قدر الله.
لمزيد من المعلومات أو لطلبات المقابلات الصحفية، يرجى التواصل مع: [email protected]