في السنوات الأخيرة، بات التطوّع أحد الميادين الواسعة التي تجذب الشباب العربي وتوّجه طاقاتهم واهتماماتهم على اختلاف المجالات والسياقات. وعندما يخوض الشباب في عالم التطوع، ينمون ويتطورون على الجوانب الشخصية والاجتماعية وغيرها من الجوانب الحياتية، وينغمسون في تجربة استثنائية يكتسبون من خلالها المهارات، يطورون شبكة العلاقات، ويبتكرون الحلول ويستلمون دفّة القيادة. في مناطق النزاعات والكوارث يبرز التطوع كواجب إنساني وقيمي، فيحمل الشباب همّ مجتمعاتهم وقضاياهم معهم أثناء تلبية واجبهم الإنساني فيصبحون جزءًا لا يتجزأ من بنية المجتمع المحلي وأحد أركان التغيير الأساسية التي يبني عليها المجتمع رؤاه. تراهم في ميادين الاستجابة الطارئة، وحملات الإغاثة ومشاريع التنمية يبذلون الوقت والجهد في سبيل مساعدة أهلهم وتحسين أوضاعهم بما استطاعوا من إمكانيات.
توصيات مبتكرة لأثر مستدام
في بنفسج نؤمن بقدرة الشباب الفريدة على التغيير وتحويل الرؤى إلى واقع. لكننا أيضًا نؤمن بحاجتهم للخبرات وتشارك التجارب.
وفي هذه المقال نضع بين أيديكم خلاصة سنوات وتجارب طويلة من عالم التطوع تساعدكم على خوض تجربة تطوعية استثنائية.
1.الشغف هو المنطلق: التطوع هو أحد التجارب التي تساعدك على بناء معرفة عميقة بذاتك وتكشف لك ما لا تعرفه عن اهتماماتك وإمكانياتك. قبل أن تخوض تجربة التطوع، ابحث عن قضايا تثير شغفك وتجذب اهتمامك، اختر مشروعًا ينسجم مع طموحاتك وقيمك، حيث ستكون محرّكًا قويًا للتفاني في العمل التطوعي. وفي واقع اﻷمر ومع مواجهة تحديّات مستمرة وصعبة خلال رحلتك التطوعية يساعدك الشغف على الاستمرار حتى في وجه تلك التحديات والصعوبات فيحافظ على دوافعك وعزيمتك ويضيف قيمة حقيقية للأثر الإيجابي الذي تسعى له.
2. التطوير المستمر: تعتبر المهارات والخبرات الركيزة الأهم للنجاح في التطوع، بالإضافة لكونها من أهم الأهداف التي يسعى لها الشباب خلال تطوعهم وتعدّ شرطاً أساسياً لتجربة تطوعية ناجحة. حيث أن بناء المهارات والخبرات ليس هدفًا ذاتيًا فقط تسعى له، بل لا بد من مهارات أساسية تنطلق منها لتجعل عملك التطوعي أكثر إثراءً وإنتاجية كالتواصل الفعّال، والقدرة على حل المشكلات، والتنظيم، والتخطيط والعمل الجماعي. عندما تكون مدعّمًا بالمهارات والخبرات، يمكنك أن تكون عاملاً فعالًا في المشاريع التطوعية وأن تسهم بشكل أفضل في تحقيق الأهداف الاجتماعية والشخصية على حد سواء.
3. الشبكات الاجتماعية فرص ثمينة: تجربة التطوع تمنحك الفرصة للتعرف على أشخاص جدد وبناء علاقات دائمة، فتواصلك مع المتطوعين الآخرين، ومشاركة تجاربك وأفكارك تفتح لك أبواباً لفرص غير مسبوقة فقد تجد أصدقاء دائمين، شركاء في مشاريع مستقبلية أو حتى ممولين مهتمين باستثمار طاقات الشباب وإمكانياتهم!
وبناءّا على ذلك احرص على تعلّم مهارات التواصل الإيجابي، والذكاء الاجتماعي والمهارات القيادية عند انضمامك لأي مجموعة تطوعية وتطوير علاقاتٍ ذات مغزى مع الأفراد والمنظمات ذات الصلة، حيث يختصر لك التطوع طريقاً طويلاً فيجمعك بأشخاص لديكم بالفعل نقاط مشتركة كقيم البذل والعطاء، وشغف المساعدة والتغيير. وانفتاحك لبناء مساحات جديدة يجعلك بحاجة إلى وجه بشوش ومبادرة بالتواصل وإدارة إيجابية للعلاقات لتستمتع بتجربة اجتماعية مؤثرة وعلاقات أكثر ترابطاً.
4. لابد من توازن: دائماً مايكون للأعمال التطوعية حماساً فريداً يجعلنا ننشدّ لها، فمشاعر التقدير والامتنان التي تغمرنا مع كل إنجاز تطوعي تجعلنا ننغمس في هذه التجارب بشكل أعمق. وعلى أهمية هذا الأمر لابد من ترتيب دقيق في الأولويات وحرص على إدارة الوقت بحكمة. فمرحلة الشباب هي مرحلة بناء على كافة الأصعدة؛ المهني، الأكاديمي، الاجتماعي، الصحي، وكذلك الشخصي. لذلك لابد من تحديد أهداف شخصية ومهنية من التطوع، ضبط التوقعات وتنظيم المهام بدقة تراعي كافة الالتزامات الأخرى. فالتوازن وترتيب الأولويات يمكن هما السر الأول لتجربة تطوعية مستدامة.
5. كن فضولياً حول التجارب السابقة: في حال رغبتك بالتقديم لمكان محدد لتكون جزءاً من فريق المتطوعين، أو شغفت بالتطوع في مجال معين، ابحث عن المتطوعين السابقين وتعلّم من خبراتهم، خض معهم نقاشات حول التحديات لتطوير استراتجياتك الخاصة للتعامل معها، أو استمع لقصص نجاحهم لتكون إلهاماً لك في كتابة قصتك الشخصية.يمكن للمتطوعين القدامى أن يكونوا عوامل تأثير حقيقي في تجربتك الشخصية، من خلال تزويدك بالأدوات والمعرفة التي تحتاجها لتحقيق التأثير الإيجابي الذي تطمح له.
وطبعاً في سلسلة التوصيات لابد من الحديث عن الالتزام بسياسات وأخلاقيات التطوع فلكل مجال أخلاقياته التي تحكمه، لذلك لابد من التزام حقيقي وحرص على التمسك بمبادئ العمل المجتمعي والإنساني وجعلها البوصلة الأولى التي توجه القرارات والتحركات!
بنفسج، المساحة الآمنة للانطلاق!
تجد الشباب على قائمة أولوياتنا في مشاريع بنفسج. وخلال السنوات السابقة، كرّست بنفسج المشاريع لدعم الشباب ومنحهم المساحات الإبداعية والمبتكرة لخلق التغيير. وقدمت لهم الفرص والتدريبات المتنوعة والملهمة، وأتاحت فرص التطوع في مجموعة واسعة ومتنوعة من المجالات. لم نتوقف هنا، بل أطلقنا برنامجًا خاصًا مصممًا لتمكين هؤلاء الشباب وتأهيلهم ليصبحوا جزءًا لا يتجزأ من سوق العمل فكانت نوادي بنفسج للشباب، هدفها ليس مجرد تأهيلهم، بل تمكينهم ليحققوا التميز والتغيير الحقيقي في المشاريع والأنشطة المجتمعية. بالعمل الدائم والدعم الحقيقي ساعدنا متطوعينا في الوصول إلى المنصات العالمية والمشاركة في المؤتمرات الدولية. هناك، تحدثوا بشجاعة عن قضايا الشباب وعن آمالهم في مناطق الشمال السوري وذلك رغم جميع المخاطر والعقبات التي واجهوها في مسار رحلتهم. نحن نؤمن بإمكانية الشباب على تحقيق الأهداف العظيمة والوصول إلى محطات غير مسبوقة،لذلك نعمل دائمًا على منحهم الدعم والثقة للانطلاق في رحلة العطاء والتغيير في عالم مليء بالتحديات والفرص.
شارك المقال
اقرأ أيضاً
زلزال فبراير.. ذكرى مؤلمة وقصة ملهمة
تعرضت مناطق شمال غرب سوريا إلى زلزال مدمر في العام الماضي، ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني سوءا، تروي لنا زينب أحد الشاهدين على الكارثة قصص الألم ومأساة العوائل لنتعلم منها القوة ومعنى النجاح